عمار

السبت، 4 أبريل 2009

أفراح الروح ... كلمات مست شغاف قلبي!



بدم الشهيد/ سيد قطب

الخاطرة الأولى



بسم الله الرحمن الرحيم
أختي الحبيبة... هذه الخواطر مهداة إليك...

إن فكرة الموت ما تزال تخيل لك، فتتصورينه في كل مكان، ووراء كل شيء، وتحسينه قوة طاغية تظل الحياة والأحياء، و ترين الحياة بجانبه ضئيلة واجفة مذعورة. إنني أنظر اللحظة فلا أراه إلا قوة ضئيلة حسيرة بجانب قوى الحياة ائزاخرة الطافرة الغامرة، وما يكاد يصنع شيئآ إلأ أن يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!... مد الحياة الزاخر هو ذا يعج من حولي إ.... كل شيء إلى نماء وتدفق وازدهار.. الأمهات تحمل وتضع، الناس والحيوان سواء، الطيور والأسماك والحشرات تدفع بالبيبض المتفتح عن أحياء وحياة.. الأرض تتفجر بالنبت المتفتح عن أزهار وثمار.. السماء تتدفق بالمطر، والبحار تعج بالأمواج.. كل شىء ينمو على هذه الأرض ويزداد!.

بين الحين والحين يندفع الموت فينهش نهشة و يمضي، أو يقبع حتى يلتقط بعض الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!.. والحياة ماضية في طريقها، حية متدفقة فوارة، لا تكاد تحس بالموت أو تراه !!

قد تصرخ مرة من الألم، حين ينهش الموت من جسمها نهشة، ولكن الجرح سرعان ما يندمل، وصرخة الألم سرعان ما تستحيل مراحآ.. و يندفع الناس والحيوان، و الطير و الاسماك، الدود و الحشرات، العشب و الأشجار، تغمر وجه الأرض بالحياة والأحياء!.. والموت قابع هنالك ينهش نهشة ويمضى ... أو يتسقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!!.

الشمس تطلع، والشمس تغرب، والأرض من حولها تدور، والحياة تنبثق من هنا و من هناك.. كل شيءإلى نماء.. نماء في العدد و النوع، نماء في الكم والكيف.. لو كان الموت يصنع شيئآ لوقف مد الحياة!.. ولكنه قوة ضئيلة حسيرة، بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة...!.

من قوة الله الحى... تنبثق الحياة وتنداح!!.


الخاطرة الثانية


عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود إ..

أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض !!

إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهمآ، قتصور الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بايامنا وساعاتنا و لحظاتنا. و ليست الحياة بعد السنين، ولكنها بعداد المشاعر. وما يسميه " الواقعيون " في هذه الحالة " وهما " هو في الواقع " حقيقة " أصح من كل حقائقهم!.. لأن الحياة ليست شيئا آخر غير شعور الإنسان بالحياة. جرد أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي! ومتى أحس الإنسان شعورآ مضاعفا بحياته، فقد عاش حياة مضاعفة فعلا...

يبدو لي أن المسألة من البداهة بحيث لا تحتاج إلى جدال !...

إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية!.


الخاطرة الثالثة
بذرة الشر تهيج، ولكن بذرة الخير تثمر، إن الأولى ترتفع في الفضاء سريعآ ولكن جذورها في التربة قريبة، حتى لتحجب عن شجرة الخير النور والهواء، ولكن شجرة الخير تظل في نموها البطيء، لأن عمق جذورها في التربة يعوضها عن الدفء والهواء...
مع أننا حين نتجاوز المظهر المزور البراق لشجرة الشر، ونفحص عن قوتها الحقيقية وصلابتها، تبدو لنا واهنة هشة نافشة في غير صلابة حقيقية إ... على حين تصبر شجرة الخير على البلاء، وتتماسك للعاصفة، وتظل في نموها الهاديء البطيء، لا تحفل بما ترجمها به شجرة الشر من أقذاء وأشواك !...
الخاطرة الرابعة

عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة!...
لقد جربت ذلك.. جربته مع الكثيرين.. حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور...
شيء من العطف على أخطائهم وحماقاتهم، شيء من الود الحقيقي لهم، شيء من العناية- غير المتصنعة- باهتماماتهم وهمومهم... ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص. إن الشر ليس عميقآ في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا. إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء.. فإذا أمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية.. هذه الثمرة الحلوة، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر الناس بالأمن من جانبه، بالثقة في مودته، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم، و على أخطائهم او على حماقاتهم كذلك.. وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله، أقرب مما يتوقع الكثيرون.. لقد جربت ذلك، جربته بنفسي. فلست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام!...
الخاطرة الخامسة

عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب والعطف والخير نعفى أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة. إننا لن نكون في حاجة إلى أن نتملق الآخرين لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين إذ نزجي إليهم الثناء. إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير وسنجد لهم مزايا طيبة نثنى عليها حين نثنى ونحن صادقون، ولن يعدم إنسان ناحية خيرة أو مزية حسنة تؤهله لكلمة طيبة.. ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها إلا حين تنمو في نفوسنا بذرة الحب إ...
كذلك لن نكون في حاجة لأن نحمل أنفسنا مؤونة التضايق منهم ولا حتى مؤونة الصبر على أخطائهم وحماقاتهم لأننا سنعطف على مواضع الضعف والنقص ولن نفتش عليها لنراها يوم تنمو في نفوسنا بذرة العطف! وبطبيعة الحال لن نجشم أنفسنا عناء الحقد عليهم أو عبء الحذر منهم فإنما نحقد على الآخرين لأن بذرة الخير لم تلتئم في نفوسنا نموا كافيا، ونتخوف منهم لان عنصر الثقة في الخير ينقصنا !.
كم نمنح أنفسنا من الطمأنينة والراحة والسعادة، حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا، يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير إ.
الخاطرة السادسة

حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحأ، أو أطيب منهم قلبأ، أو أرحب منهم نفسأ، أو أذكى منهم عقلأ، لا نكون قد صنعنا شيئآ كبيرأ.. لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة!.
إن العظمة الحقيقية: أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع ! ..
إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية، أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثنى على رذائلهم، أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقأ.. إن التوفيق بين هذه المتناضات وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد: هو العظمة الحقيقية !..

الخاطرة السابعة
عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة نحس أنه لا يعيبنا أن نطلب مساعدة الآخرين لنا، حتى أولئك الذين هم أقل منا مقدرة!
ولا يغض من قيمتنا أن تكون معونة الآخرين لنا قد ساعدتنا على الوصول إلى ما نحن فيه. إننا نحاول أن نصنع كل شىء بأنفسنا، ونستنكف أن نطلب عون الآخرين لنا، أو أن نضم جهدهم إلى جهودنا..؟ نستشعر الغضاضة في أن يعرف الناس أنه كان لذلك العون أثر في صعودنا إلى القمة. إننا نصنع هذا كله حين لا تكون ثقتنا بأنفسنا كبيرة أي عندما نكون بالفعل ضعفاء في ناحية من النواحى.. أما حين نكون أقوياء حقأ فلن نستشعر من هذا كله شيئأ.. إن الطفل هو الذي يحاول أن يبعد يدك التى تسنده وهو يتكفأ في المسير !.
عندما نصل إلى مستوى معين من القدرة، سنستقبل عون الآخرين لنا بروح الشكر والفرح.. الشكر لما يقدم لنا من عون.. والفرح بأن هناك من يؤمن بما نؤمن به نحن.. فيشاركنا الجهد والتبعة.. إن الفرح بالتجاوب الشعوري هو الفرح المقدس الطليق !.
الخاطرة الثامنة

إننا نحن إن " نحتكر " أفكارنا وعقائدنا، ونغضب حين ينتحلها الآخرون لأنفسهم، ونجتهد في توكيد نسبتها إلينا، وعدوان الآخرين عليها! إننا إنما نصنع ذلك كله، حين لا يكون إيماننا بهذه الأفكار والعقائد كبيرأ، حين لا تكوت منبثقة من أعماقنا كما لو كانت بغير إرادة منا حين لا تكون هي ذاتها أحب إلينا من ذواتنا !.
إن الفرح الصافي هو الثمرة الطبيعية لأن نرى أفكارنا وعقائدنا ملكا للاخرين، و نحن بعد أحيأء. إن مجرد تصورنا لها أنها ستصبح – و لو بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض- زادا للاخرين وريا، ليكفى لأن تفيض قلوبنا بالرضى والسعادة والاطمئنان!.
" التجار " وحدهم هم الذين يحرصون على " العلامات التجارية " لبضائعهم كى لا يستغلها الآخرون ويسلبوهم حقهم من الربح، أما المفكرون و أصحاب العقائد فكل سعادتهم في أن يتقاسم الناس أفكارهم وعقائدهم ويؤمنوا بها إلى حد أن ينسبوها لأنفسهم لا إلى أصحابها الأولين !..
إنهم لا يعتقدون أنهم " أصحاب " هذه الأفكار والعقائد، وإنما هم مجرد " وسطاء " في نقلها وترجمتها.. إنهم يحسون أن النبع الذي يستمدون منه ليس من خلقهم، ولا من صنع أيديهم. وكل فرحهم المقدس!، إنما هو ثمرة اطمئنانهم إلى أنهم على اتصال بهذا النبع الأصيل !..
الخاطرة التاسعة

الفرق بعيد.. جدآ بعيد..: بين أن نفهم الحقائق، وأن ندرك الحقائق.. إن الأولى: العلم.. والثانية هى: المعرفة!..
في الأولى: نحن نتعامل مع ألفاظ ومعان مجردة.. أو مع تجارب ونتائج جزئية... وفي الثانيه: نحن نتعامل مع استجابات حية، ومدركات كلية...
في الأولى: ترد إلينا المعلومات من خارج ذواتنا، ثم تبقى في عقولنا متحيزة متميزة.. وفي الثانية: تنبثق الحقائق من أعماقنا. يجري فيها الدم الذي يجري في عروقنا وأوشاجنا، ويتسق إشعاعها مع نبضنا الذاتي!...
في الأولى: توجد " الخانات " والعناوين: خانة العلم، وتحتها عنواناته وهي شتى.. خانة الدين وتحتها عنوانات فصوله وأبوابه.. وخانة الفن وتحتها عنوانات مناهجه واتجاهاته!...
وفي الثانية: توجد الطاقة الواحدة، المتصلة بالطاقة الكونية الكبرى.. يوجد الجدول السارب، الواصل إلى النبع الأصيل!...
الخاطرة العاشرة

نحن في حاجة ملحة إلى المتخصصين في كل فرع من فروع المعارف الإنسانية، أولئك الذين يتخذون من معاملهم ومكاتبهم صوامع وأديرة !.. ويهبون حياتهم للفرع الذي تخصصوا فيه، لا بشعور التضحية فحسب، بل بشعور اللذة كذلك!.. شعور العابد الذي يهب روحه لإلهه وهو فرحان!... ولكننا مع هذا يجب أن ندرك أن هؤلاء ليسوا هم الذين يوجهون الحياة، أو يختارون للبشرية الطريق!...
إن الرؤاد كانوا دائمأ، وسيكونون هم أصحاب الطاقات الروحية الفائقة، هؤلاء هم الذين يحملون الشعلة المقدسة التي تنصهر في حرارتها كل ذرات المعارف، وتنكشف في ضوئها طريق الرحلة، مزودة بكل هذه الجزئيات، قوية بهذا الزاد، وهي تغذ السير نحو الهدف السامي البعيد!.
هؤلاء الرواد هم الذين يدركون ببصيرتهم تلك الوحدة الشاملة، المتعددة المظاهر في: العلم، والفن، والعقيدة، والعمل، فلا يحقرون واحدآ منها ولا يرفعونه فوق مستواه !.
الصغار وحدهم، هم الذين يعتقدون أن هناك تعارضا بين هذه القوى المتنوعة المظاهر، فيحاربون العلم باسم الدين، أو الدين باسم العلم...
ويحتقرون الفن باسم العمل، أو الحيوية الدافعة باسم العقيدة المتصوفة !.. ذلك أنهم يدركون كل قوة من هذه القوى، منعزلة عن مجموعة من القوى الأخرى الصادرة كلها من النبع الواحد من تلك القوة الكبرى المسيطرة على هذا الوجود !.. ولكن الرواد الكبار يدركون تلك الوحدة، لأنهم متصلون بذلك النبع الأصيل، ومنه يستمدون!...
إنهم قليلون.. قليلون في تاريخ البشرية.. بل نادرون! ولكن منهم الكفاية..: فالقوة المشرفة على هذا الكون، هي التى تصوغهم، وتبعث بهم في الوقت المقدر المطلوب!.

الخاطرة الحادية عشرة

الاستسلام المطلق للاعتقاد في الخوارق و القوى المجهولة خطر، لأنه يقود إلى الخرافة.. ويحول الحياة إلى وهم كبير إ... ولكن التنكر المطلق لهذا الاعتقاد ليس أقل خطرا: لأنه يغلق منافذ المجهول كله، وينكر كل قوة غير منظورة لا لشىء إلا لأنها قد تكون أكبر من إدراكنا البشري في فترة من فترات حياتنا! وبذلك يصغر من هذا الوجود - مساحة وطاقة، قيمة كذلك، ويحده بحدود " المعلوم " وهو إلى هذه اللحظة حين ! يقاس إلى عظمة الكون- ضئيل.. جدآ ضئيل!...
إن حياة الإنسان على هذه الأرض سلسلة من العجز عن إدراك القوى الكونية أو سلسلة من القدرة على ادراك هذه القوى، كلما شب عن الطوق وخطا خطوة إلى الامام في طريقه الطويل!.
إن قدرة الإنسان في وقت بعد وقت على إدراك إحدى قوى الكون التى كانت مجهولة له منذ لحظة وكانت فوق إدراكه في وقت ما.. لكفيلة بأن تفتح بصيرته على أن هناك قوى أخرى لم يدركها بعد لأنه لا يزال في دور التجريب!.
إن احترام العقل البشري ذاته لخليق بأن نحسب للمجهول حسابه في حياتنا لا لنكل إليه أمورنا كما يصنع المتعلقون بالوهم والخرافة، ولكن لكى نحس عظمة هذا الكون على حقيقتها، ولكى نعرف لأنفسنا قدرها في كيان هذا الكون العريض. وإن هذا لخليق بأن يفتح للروح الانسانية قوى كثيرة للمعرفة وللشعور بالوشائج التي تربطنا بالكون من داخلنا وهى بلا شك أكبر وأعمق من كل ما أدركناه بعقولنا حتى اليوم بدليل أننا ما نزال نكشف في كل يوم عن مجهول جديد، وأننا لا نزال بعد نعيش.
الخاطرة الثانية عشرة

من الناس في هذا الزمان من يرى في الاعتراف بعظمة الله المطلقة غضا من قيمة الإنسان وإصغارا لشأنه في الوجود: كأنما الله والإنسان ندان يتنافسان على العظمة والقوة في هذا الوجود !.
أنا أحس أنه كلما ازددنا شعورأ بعظمة الله المطلقة زدنا نحن أنفسنا عظمة لأننا هن صنع إله عظيم !.
إن هؤلاء الذين يحسبون أنهم يرفعون أنفسهم حين يخفضون في وهمهم إلههم أو ينكرونه إنما هم المحدودون الذين لا يستطيعون أن يروا إلا الأفق الواطىء القريب!.
إنهم يظنون أن الإنسان إنما لجأ إلى الله إبان ضعفه وعجزه، فأما الآن فهو من القوة بحيث لا يحتاج إلى إله! كأنما الضعف يفتح البصيرة والقدرة تطمسها!.
إن الإنسان لجدير بأن يزداد إحساسآ بعظمة الله المطلقة كلما نمت قوته لأنه جدير بأن يدرك مصدر هذه القوة كلما زادت طاقته على الإدراك...
إن المؤمنين بعظمة الله المطلقة لا يجدون في أنفسهم ضعة ولا ضعفا، بل على العكس يجدون في نفوسهم العزة والمنعة باستنادهم إلى القوة الكبرى المسيطرة على هذا الوجود. إنهم يعرفون أن مجال عظمتهم إنما هو في هذه الأرض وبين هؤلاء الناس، فهى لا تصطدم بعظمة الله المطلقة في هذا الوجود. إن لهم رصيدأ من العظمة والعزة في إيمانهم العميق لا يجده أولئك الذين ينفخون أنفسهم كـ " البالون " حتى ليغطي الورم المنفوخ عن عيونهم كل آفاق الوجود !.
الخاطرة الثالثة عشرة

أحيانأ تتخفى العبودية في ثياب الحرية فتبدو انطلاقا من جميع القيود: انطلاقأ من العرف والتقاليد، انطلاقآ من تكاليف الإنسانية في هذا الوجود!.
إن هنالك فارقا أساسيا بين الانطلاق من قيود الذل والضغط والضعف، والانطلاق من قيود الإنسانية وتبعاتها، إن الأولى معناها التحرر الحقيقى، أما الثانية فمعناها التخلي عن المقومات التى جعلت من الانسان إنسانا وأطلقته من قيود الحيوانية الثقيلة!.
إنها حرية مقنعة لأنها في حقيقتها خضوع وعبودية للميول الحيوانية، تلك الميول التى قضت البشرية عمرها الطويل وهى تكافحها للتخلص من قيودها الخانقة إلى جو الحرية الإنسانية الطليقة...
لماذا تخجل الانسانية من إبداء ضروراتها؟ لأنها تحس بالفطرة أن السمو مع هذه الضروريات هو أول مقومات الانسانية، وأن الانطلاق من قيودها هو الحرية، وأن التغلب على دوافع اللحم والدم وعلى مخاوف الضعف والذل كلاهما سواء في توكيد معنى الإنسانية!.
الخاطرة الرابعة عشرة

لست ممن يؤمنون بحكاية المباديء المجردة عن الأشخاص لأنه ما المبدأ بغير عقيدة حارة دافعة؟ وكيف توجد العقيدة الحارة الدافعة في غير قلب إنسان؟.
إن المباديء والأفكار في ذاتها- بلا عقيدة دافعة- مجرد كلمات خاوية أو على الأكثر معان ميتة! والذي يمنحها الحياة هي حرارة الإيمان المشعة من قلب إنسان! لن يؤمن الآخرون بمبدأ أو فكرة تنبت في ذهن بارد لا في قلب مشع.
آمن أنت أولا بفكرتك، آمن بها إلى حد الاعتقاد الحار! عندئذ فقط يؤمن بها الآخرون ! وإلا فستبقى مجرد صياغة لفظية خالية من الروح والحياة !...
لا حياة لفكرة لم تتقمص روح إنسان، ولم تصبح كائنا حيا دب على وجه الأرض في صورة بشر!.. كذلك لا وجود لشخص - في هذا المجال- لا تعمر قلبه فكرة يؤمن بها في حرارة وإخلاص...
إن التفريق بين الفكرة والشخص كالتفريق بين الروح والجسد أو المعنى واللفظ، عملية - في بعض الأحيان- مستحيلة، وفي بعض الأحيان تحمل معنى التحلل والفناء!. كل فكرة عاشت قد اقتاتت قلب إنسان!
أما الأفكار التى لم تطعم هذا الغذاء المقدس فقد ولدت ميتة ولم تدفع بالبشرية شبرا واحدا إلى الأمام !.
الخاطرة الخامسة عشرة

من الصعب على أن أتصور كيف يمكن أن نصل إلى غاية نبيلة باستخدام وسيلة خسيسة!؟ إن الغاية النبيلة لا تحيا إلا في قلب نبيل: فكيف يمكن لذلك القلب أن يطيق استخدام وسيلة خسيسة؟ بل كيف يهتدي إلى استخدام هذه الوسيلة؟! حين نخوض إلى الشط الممرع بركة من الوحل لابد أن نصل إلى الشط ملوثين.. إن أوحال الطريق ستترك آثارها على أقدامنا وعلى مواضع هذه الأقدام، كذلك الحال حين نستخدم وسيلة خسيسة: إن الدنس سيعلق بأرواحنا، وسيترك آثاره في هذه الأرواح، وفي الغاية التى وصلنا إليها!. إن الوسيلة في حساب الروح جزء من الغاية، ففى عالم الروح لا توجد هذه الفوارق والتقسيمات! الشعور الانساني وحده إذا أحس غاية نبيلة فلن يطيق استخدام وسيلة خسيسة.. بل لن يهتدي إلى استخدامها بطبيعته! " الغاية تبرر الوسيلة!؟ ": تلك هى حكمة الغرب

الجمعة، 20 مارس 2009

من هنا جاء إسم المدونة

كتاب (ونشتاق للبوح أحياناً)
لمؤلف: محمد عبدالجواد - خبير إداري وصاحب عدة كتب في التنمية البشرية


فى الصفحة الأولى فيه تجد كلمة للكاتب "رؤى ذاتية لبعض مواقف الحياة من حولى..تأملتها بمشاعرى ووفقت فى الامساك بها....."


عندما تقرأ خواطره تشعر أنك تتفق معه كثيرا وتختلف أحيانا لكن لا تنكر بساطة الأسلوب وقوة الفكرة..لولا ان حقوق الطبع محفوظة كنت كتبته كله فعلاااا..لكن هكتب أكتر الخواطر اللى عجبتنى وأثرت فى..

أحلامنا
أحلامنا كأطفالنا..
تحتاج منا الى المساندة والحب..
والتشجيع والدعم..

ضاق بالنصح
داس على قلبه..
واستبدله بحجر..
وأسكنه بين ضلوعه..
لأن قلبه كان دائم
التذكير له بأنه انسان..

إلغاء العقل
أول ما علمتنى من دروس
" اغمضى عينيك واتبعينى"
هل سألت نفسك يوماً..كيف سأبصر بعد أن تتركنى؟!

قسمة ضيزى
لاعب كرة يهز الشباك
ومفكر فى بلد عربى يهز الفكر والوجدان
الأول مكافأته: تصفيق..شهرة..معجبين..أموال..تكريم
والثانى مكافأته : زنزانة 2x 2

تسويف
نقاط كثيرة فى ذاتى..تحتاج مراجعتى..
غير أنى لم أبدأ بعد..
أخشى يا نفسى أن يتثاقل خطوى..
وتهرب أوقاتى..

بعمق
على جانب الطريق..
كانت هناك شجرة باثقة الأغصان..
مورقة..تكتسى بالخضرة..كل ما فيها يقول انها مقبلة على الحياة..
يستظل الجميع بظلها..ويسكن فى أيكها كل العصافير
الجميلة..
وكلما مر عليها أحد
قال: الله ما أجملها!! وما أبدعها !!
استمعت الشجرة إلى إطراء الرائين..
ولكنها قالت فى نفسها..
ما أعظم سطحية رؤيتكم !!
ان لى جذوراً .. هى أولى منى بالمدح ..
لأنها هى التى تمنحنى الحياة..

انتظار
أن للعصفور أن يتوقف عن زقزقته..
ففى الخارج..تنتظره القناصة..
أن له أن يحتمى بالجدار..
و أن ينتظر ريثما يجف البلل الذى هد جسده..
لعل فى الغد..تصحو الشمس..ويتوقف المطر.. ويرحل الصياد..

كيف أحسست انى غريب فيكِ
عندما أحسست بأن بلدى التى تسكننى..
لا أسكنها..
نزف قلبى..وذبل انتمائى..

ظنُ حسن
عندما يرانا الأخرون فى جمال ,
فاننا نشحذ كل عزيمتنا لكى نكون عند جمال رؤيتهم.

لحظة إنصاف
أبناؤنا..كم نحن مقصرون فى حقكم..ولا تشتكون !!
وعندما تقصرون أنتم فى حقوقنا..نضج بالشكوى..

بوصلة
رسالتنا فى الحياة..
أن نحياها كما أرادها الله.. وكما أردناها نحن !!
ولا تعارض فى الارادتين..فقط اذا كانت فطرتنا سليمة..

شروع
عندما فتشت السلطات رأسه..
لم تجد فيه الا مشروع قصيدة..

الاسشهاديون
يبدو أنكم أطفال مشاغبون..
كلما ماتت ضمائرنا .. حاولتم ايقاظها
التوقيع : حكام العرب

مفرقعات
عندما تريد أن ترسل كتباً من بلد عربى..
فانك تمر بين الاجراءات على المفرقعات..
يبدو أن السطور هى اللغم القادم..

اتقان
اصنع ما تريد بصوت هادئ..
غداً .. يتكلم عملك بصوت عالٍ..

إحساس
يالله
كم أنا محتاج لأن أكون موصولاً بك
فلا تدعنى..

أحمد ياسين
أشلاؤك تفرقت..
ولكنها جمعت عجزنا كله فى صدورنا..

وطنى
على أى مقياس..تخفض وترفع أبناءك..
لم أفهمك..
وأنا ابن الأربعين!!
أخشى أن يمضى العمر..
ولم أحسن الفهم بعد..

رمضان
حالة من الوجد..والصفاء
تثبت أن فى أنفسنا طاقة مختزنة..
و أن فى الإمكان أبدع مما كان..

امتداد
شعر بالجهاد والتعب..
قدم ابنه ليصلى..كانت الأيات تنطلق رقيقةً من حنجرته..
ثم دعا للمسلمين..
أحس صديقى أن الدماء تجرى فى عروقه من جديد..

لماذا دق الأخرون بابك؟
هل سألت نفسك
لماذا قصدوك دون غيرك..هل تأملت هذا؟
لا يدق الأخرون أبوابنا..ولا يقصدوننا الا اذا أنسوا منا قدرة على العطاء..
و أحسوا أن لدينا غنى فى العطاء والمشاعر..
فاجتهد وابتسم فى وجه من يدق بابك..
واسع فى قضاء حاجته..
أو دله على غيرك اذا لم تستطع لها قضاء..
وأعلم أنه انما جاء ليقربك من مولاك..
وهذه غاية أملك..
فلا ترد جميله عليك برفض ما يطلب..
أعرف صديقاً يحكى لى أحد الناس عنه
يقول: قصدت بابه صباحاً أسأله أن يتعاون ويساهم معنا فى عمل خير..فهاله الود والقبول الندى
قائلا: أحلى اصطباحة

عندما نحس السعادة
عندما نحس أننا سعداء..
فاننا نرى الدنيا ملك يميننا
بامكاننا أن نسخر كل شيئ فيها
كل ما بنا من طاقة تتفتح
نرى الدنيا بأكثر من عين
نحب الأخرين
نتجاوز عن اساءتهم
ونحلم ونبدع..هكذا السعادة تفتح مسامنا للحياة..

الفضفضة والتنفيس

الفضفضة هى طاقة زائدة داخل الانسان من الاخطار والاسرار والقضايا وهى اقرب ما تكون الى طاقه البخار المكتوم التى يجب ان تخرج حتى يستقر الوعاء والا ستصبح مصدر خطر شديد ...

ولكن هناك شروط ومواصفات للفضفضه وهى::
1- ان تكون الفضفضه لمن نحبهم ويحبوننا لان بها جزء من تعريه الذات والانسان لا يتعرى امام الغرباء .
2- ان تكون الفضفضه للاكثر عقلاً ونضجاً .
3- ان نكون صرحاء ونفضفض عن مخاوفنا ومتاعبنا بغرض البحث عن حل لا لتشويه صورة الاخرين ..
4- لابد ان نكون على وعى بالموضوعات تصلح للفضفضه و الموضوعات التى يجب ان تدفن داخل النفس ...
وغياب الفضفضه هو سر جميع الامراض النفسيه التى تبدا بالقلق وتنتهى بالاكتئاب .
ولكن هناك بعد دينى فى امور الفضفضه وهو البعد عن الغيبه والنميمه وما الى ذلك لانها جزء من الذنوب فيجب الا نفضفض على حساب الاخرين ........
د / احمــــــد خيرى حافظ استاذ علم النفس - كليه الاداب - جامعه القاهرة